11/02/2011
|
ولا يسعنا هنا إلا أن نحتفل مع الفلاح المصري البسيط، ومع المثقف، ومع الشباب المكافح والثائر، والواعي، الذي فرض خياراته وخيارات مصر المستقبل دون أن يسقط في فخاخ العنف التي حاول نظام "الفرعون المخلوع" دفعه إليها.
وبالقطع، فقد تغيرت جيوستراتيجية المنطقة بأكملها، فمصر بثقلها العربي، الإفريقي، الإسلامي لا يمكن تجاهل دورها الجديد بعد الآن، ولا يمكن التنبأ التام بالإتجاه الذي ستتجه إليه دفتها بعد أن تنتهي فرحة النصر الشعبي لتبدأ معاول بناء نظام جديد يستمد شرعيته هذه المرة من ثورة "شباب"، وثورة "الفيس بوك"، وثورة المستقبل.
والآن، يمكن القول أن كل عواصم العالم الغربي تقف مشدوهة أمام الحدث، الذي لم يجد باراك أوباما أمامه سوى الإنحناء بعد أن أعياه فهم ما حصل، وكيف حصل في غفلة من أجهزة المخابرات الأمريكية، ليقول بأن "التاريخ تشكل في مصر، وأن الشعب قال كلمته"، وهو على حق.
ويمكن القول أن خريطة المواقف السياسية بالشرق الأوسط وبشمال إفريقيا ستعرف إعادة حتمية للحسابات، وستكون لها تأثيرات عميقة وطويلة الأمد، فإسرائيل ترتعد الآن، والسلطة الفلسطينية ترتعد بدورها، وكل الأنظمة العربية تتوجس خوفا من "عدوى الثورة"، ويكفي معرفة أن ملك البحرين، حسب رويترز، قد بادر إلى توزيع ألف دينار على كل عائلة، فهل هناك حاجة لمزيد من الإيضاح.
ويبقى أن القوى الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، لن تدع هذه الثورة المصرية التاريخية وشأنها، وستحاول بكل الطرق المعروفة لاستعادة السيطرة على النظام القادم، الذي يضمنه الجيش المصري الآن. لكننا لا يجب أن ننسى بأنه نفس الجيش الذي تعايش مع اتفاق كامب ديفيد، ومع النظام المصري منذ السادات دون أن يعترض يوما على موقف مصر المخزي من عدد من القضايا العربية والدولية طيلة عقود.
فهل ينجح الشباب المصري في تغيير الموقف لصالح إرادة الشعب العربي، المسلم والإفريقي؟ أم هل سينجح النظام الجديد، والذي سيكون حتما نتيجة لتوافق وتصارع القوى السياسية المصرية الجديدة ومصالح قوى دولية، في الحفاظ على "نظام" متوازن وإمساك العصى من الوسط بين تطلعات الشعب في الديمقراطية والحرية وإكراهات الموقع الجيوستراتيجي والتاريخي لمصر في موازين القوى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ أم هل تنجح القوى المجروحة الآن في مصادرة الثورة من صناعها بتواطئ من أنظمة عربية ودولية مطعونة؟ هذه أسئلة وغيرها كثير ستجيب عنها تطورات الأيام القادمة، ونرجو أن تكون في النهاية في صالح الشعب المصري وبحجم تضحياته.
ولنا أن نقول فقط : المجد والخلود لشهداء ثورة الشعب المصري العظيم، وهنيئا لنا جميعا في العالم العربي، والإفريقي والإسلامي والعالمي بهذا النصر الشعبي التاريخي و"عمار يا مصر"
0 comments:
Post a Comment